انتشار خبر في صباح يوم 20 ديسمبر أثار الهول والهوش في داخل نظام الملالي
كأنه تسرب الماء في جحر النمل حيث تفاقم الصراع على السلطة بين المهمومين وزمرة
رفسنجاني. وما هو هذا الخبر؟ أعلن تلفزيون النظام: «وقع الرئيس الأمريكي مرسوما
جعل ايران في عداد دول مثل السودان والعراق وسوريا... حيث يجبر كل من يريد السفرلأمريكا وهو قد زار ايران خلال السنوات الخمس الماضية على الحصول على تأشيرة السفر
لدخوله الأراضي الأمريكية... وتم تبني هذا المشروع في مجلس النواب الأمريكي قبل 10
أيام و هو أول حركة ضد ايران من قبل السلطات الأمريكية بعد الاتفاق النووي».
وعم مشاعر الهول والهوش كلا من تلفزيون النظام وبرلمانه ووسائل الاعلام
التابعة له ومواقعه على الانترنت حيث شن المهمومون من كل جهة حملاتهم على روحاني
وحكومته بوصفهم «سيف مسلط خلف ابتسامة أمريكا» و «خرق في الاتفاق النووي»» و «عمل
أمريكا يحمل معنى والمراد منه الحؤول دون عقد التبادلات الاقتصادية مع ايران».
أشرس حملة وجهها (101) عضوا في برلمان النظام خلال «تنبيه» أو «انذار مكتوب»
لروحاني متسائلين : ما الرد؟ في المقابل دفع روحاني ظريف وعراقجي الى الميدان لكي
يصب الماء على النار ولكنه كأنه قد صب الزيت عليها. وقال ظريف «هذا القانون يأتي
انتهاكا للاتفاق النووي» واعترف عراقجي «ان القانون الجديد يؤثر على التعاملات
الاقتصادية والسياحية والعلمية والثقافية». وتعلق روحاني بثوب وزير الخارجية
الآمريكي عبر ظريف حسب ما جاء في وسائل الاعلام التابعة للنظام حيث قال «اني تكلمت
خلال الأيام الماضية مع الوزير كيري بعد ما تبين أنهم ينوون اتخاذ هذا القرار واني
الآن أنتظر كيف سيتم التنفيذ» (ظريف- تلفزيون النظام 19 ديسمبر). بدوره قام جون
كيري وفي محاولة له لاخماد النار التي بدأت تشعل الاتفاق النووي وأطراف المفاوضة
بتوجيه رسالة الى ظريف وكتب يقول «هذا القرار لايمنع تنفيذ تعهدات أمريكا في
الاتفاق النووي منها رفع العقوبات». (تلفزيون النظام 20 ديسمبر). ولكن هذه الرسالة
كانت بمثابة البانزين على الحريق حيث زاد من استعارته:
وقالت قوات الحرس «السيد ظريف ما مكانة ”رسالة علاجية“ أمام القانون
الرسمي؟» (قوات الحرس 21 ديسمبر)
رحمان دوست عضو برلمان النظام خلال جلسة علنية في البرلمان يوم 21 ديسمبر:
«أجرت الشركة التعاونية لاوباما وجون كيري مسرحية فكاهية جديدة».
الملا طائب قائد مقر عمار للبلطجيين 21 ديسمبر: «الأمريكان يتشيطنون بغية
عدم الوصول الينا شيء جراء رفع العقوبات في اطار الاتفاق النووي».
موقع مشرق الحكومي 21 ديسمبر : «جون كيري وبسياسة توجيه الرسائل لايهدف الا
سياسة الاستغفال».
السؤال المطروح هو لماذا آثار هذا القانون هكذا هولا داخل النظام بحيث حتى
لا تستطيع رسالة كيري التعاطفية اخماده.
الجواب واضح بين الكم الهائل مما جاء في وسائل الاعلام التابعة للنظام:
كان الهدف الرئيسي للنظام من
الجلوس خلف طاولة المفاوضات والخضوع للاتفاق النووي هو رفع العقوبات و الانفتاح
الاقتصادي للخروج من الوضع الحرج الخانق الذي يعيشه النظام. وكان الملا روحاني
ورفسنجاني قد بنوا قصورا من الآمال والطموحات والتخيلات على هذا الانفتاح. وكان
روحاني قد أعلن أكثر من مرة أن الاقتصاد سينتعش بعد الاتفاق النووي بدخول
المستثمرين الآجانب وينتهي الركود والآن و بتوقيع اوباما هذا القانون، فانهارت هذه
القصور قبل أن ترى النور. لأنه وبوجود هذا القانون لا يستعد أي مستثمر ليتوجه الى
ايران ثم يقف في طابور أخذ الفيزا للذهاب الى أمريكا ويضع نفسه تحت المجهر. ونعلم
أن الشركات الكبرى خصوصا في اوربا لا يمكن في الأساس مواصلة حياتها الاقتصادية دون
التعامل النشط مع أمريكا. وفيما يلي نشير الى نموذجين من الاعتراف بعواقب وتداعيات
هذا القانون على لسان عناصر النظام : «ان عمل الحكومة الأمريكية على أية حال ليس
خاليا من التأثير السلبي على تجارتنا وتعاملاتنا» (رئيس غرفة التجارة للنظام 21
ديسمبر).
«أمريكا وبهذا القانون عمليا تقيد وصول التجار والسياح الى ايران»
(تلفزيون النظام 21 ديسمبر)
وبذلك فان الغاء العقوبات الذي هو حصيلة رئيسية للاتفاق النووي بالنسبة
للنظام يصبح دون نتيجة وبعبارة أخرى أن بعضا من العقوبات التي لم تخرج بعد من
الباب ستدخل من الشباك بطريقة أخرى.
لاسيما اذا أخذنا بنظر الاعتبار قانونا آخر وقع عليه اوباما 19 ديسمبر حيث
قال تلفزيون النظام بشأنه: «الرئيس الأمريكي وقع علي قانون تشديد الضغط والعقوبات
المالية والاعلامية على حزب الله اللبناني لاضعاف محور المقاومة في المنطقة»
(تلفزيون النظام 20 ديسمبر2015).
وبموجب هذا القانون كل مصرف يتعامل مع حزب الشيطان في تحويلات مالية سيتم
مقاطعته من قبل أمريكا. وبذلك سيتم وضع معظم مصارف النظام من جديد تحت طائلة
العقوبات. وحذر آدم زوبن مساعد وزير الخزانة الأمريكي الشركات الأمريكية بهذا
الصدد وقال «المقاطعة الاقتصادية الأمريكية على ايران ستبقى على حالها الى حد
كبير». (كلمته في مجلس الاطلسي ومشروع ايران 17 ديسمبر)..
مجرد وضع اسم النظام الايراني بجانب العراق وسوريا والسودان في قائمة الدول
التي السفر اليها يتسببب في مواجهة قيود على السفر الى أمريكا يكفي لغلق الطريق
أمام الاستثمار في ايران. وهذا ما أثار الهلع والتأوه في وسائل الاعلام التابعة
للنظام حيث قالت صحيفة وطن امروز في 20 ديسمبر «هذا الموضوع قابل للتأمل خاصة أن
ايران وحزب الله اللبناني في جبهة محاربة ارهابي داعش الوهابي».
رسالة جون كيري التي تم ارسالها بشكل خاص الى ظريف ولم تعلن عنها وزارة
الخارجية والحكومة الأمريكية، لا تقنع أي مستثمر في استقبال مخاطرة السفر الى
ايران وتصنيفه في القائمة السوداء لهذا القانون. وبالنتيجة فان هذه الرسالة لا
تعالج شيئا من النظام ولا تعوض عن الضربة التي تلقاها من الاتفاق النووي. ما جاء
في اعلام النظام هو واضح بهذا الشأن: «الخبراء يرون هذا التحرك من قبل كيري مناولة
المشكلة الى الآخرين كون تصريحاته في الوقت الراهن بعد قانون فرض تأشيرة الدخول
الى أمريكا والذي جاء ضد ايران، تبقى حبرا على الورق». (صحيفة حمايت الحكومية 21
ديسمبر).
وكتبت صحيفة حكومية
أخرى تحت عنوان «مقاطعة مخلصة» استخدمت صفة «مخلصة» لرسالة جون كيري تقول: «ربما
ضمان كيري لظريف هو أمر صحيح ولا تستطيع ادارة اوباما استخدام هذه الفاعلية الا أن
كيري قد حاك خدعة تجعل أساس فرض العقوبات قائما عبر السيطرة على العلاقات
الاقتصادية الايرانية مع الدول الاوربية المشمولة أساسا بهذا القانون» (صحيفة جوان
الحكومية 21 ديسمبر).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق