السبت، 11 فبراير 2017

وعود الملالي بين الوهم والحقيقة


بقلم : م. سميه:
 انشأ بتاريخ: 07 شباط/فبراير 2017 
"ستزدهر حياتكم في الأرض وفي الجنة... أمرتُ بتوزيع الثروة على الفقراء...سنبني علاقات مثالية مع العالم الإسلامي..." كانت تلك وعود الخميني للجماهير المؤيدة له وللعالم بعد ثورته المزعومة، بقي صداها يتردد عبر تصريحات حكام إيران المتعاقبين، بدءا من علي أكبر هاشمي رفسنجاني وصولا الى حسن روحاني. لكن ومع دخول حكم الملالي الى عامه ال38، تحولت تلك الوعود الوردية الى كوابيس رمادية أرَّقتْ وتؤرق صفو حياة الشعب الإيراني، الذي وجد نفسه في مواجهة امبراطورية اصحاب العمائم السوداء، الذين اضاعوا اقتصاد البلاد في مشاريع تسليح فاشلة واهدَروا ثرواتها في سبيل تحقيق حلم تصدير الثورة الخمينية المتمثلة بأيديولوجية “ولاية الفقيه” الى البلاد الإسلامية.


منذ نجاح الثورة التي أطلِق عليها مسمى "الإسلامية" زورا وبهتانا عام 1979، والشعب الإيراني يضرب الموعد تلو الاخر مع فضائح الفساد التي طالت كبار المسؤولين في الدولة، داحضة ادعاءاتهم وزيف وعودهم، كما كشفت انهم لم يكونوا سوى مُصدِّرِي أوهام للشعب وللعالم باسره، إِذْ لم يعد يَخفَى على أحد قَطْ مدى فساد النخبة الحاكمة في إيران التي نجحت وبامتياز خلال مسيرة حكمها في إِفقار الشعب وإِدخاله في دوامة لا نهاية لها من ازمات اقتصادية ومعيشية طاحنة، في محاولة بائسة منها لإرغامه على الانشغال بتأمين لقمة العيش الكريم، وعدم الالتفات إلى السياسة الخارجية أو الداخلية لبلادهم.
وقد كشفت الإحصائيات الرسمية التي قدمها مؤخرا وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي الى مجلس الشورى الإيراني، مدى تناقض الواقع مع شعارات العدالة ونشر الرخاء التي ما فتئ يرددها الملالي طوال عقود من الزمن، حيث يعيش نحو 11 مليون مواطن فقير في الأحياء العشوائية بضواحي المدن الكبرى، فضلا عن 3.5 مليون شاب عاطل عن العمل، ومليون ونصف المليون مدمن على المخدرات في البلاد، بالإضافة الى التضخم الذي تعاني منه المدن الكبرى نتيجةً لعدم توفر مقومات الحياة في الأرياف مما ساهم في تدني الخدمات الأساسية. وتبقى هذه الأرقام محل تشكيك من قبل المنظمات الحقوقية الإيرانية والدولية، إذ تذهب إلى أعلى من ذلك بكثير، بحسب ما أوضح مكتب الإعلام العربي في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وتتناقل وسائل التواصل الاجتماعي طريقة عيش المشردين في إيران، حيث يعيش نسبة منهم في الجبال والأودية، ويستعين بعضهم بقطع الكراتين والنفايات، لكن ما اثار سخط الإيرانيين واصاب العالم باسره بالصدمة، تلك الصور التي نشرتها صحيفة "شهروند" في ال 27 من كانون الأول/ديسمبر، لساكني القبور الواقعة بالقرب من شهريار، في طهران.
ووفقا للصحيفة ذاتها: "هناك 300 مقبرة معدة سلفا داخل المدفن، وقد تم احتلال 20 منها من قبل 50 لا مأوى لهم فيما يعيش شخص أو ثلاثة أو أربعة داخل كل قبر ". وأضافت الصحيفة إن "هذه المقابر تُستخدم في الغالب للنوم وتكون شاغرة في خلال اليوم إذ ينصرف سكانها إلى جمع النفايات أو التسول من أجل جمع المال لشراء المخدرات والمواد الغذائية." كما نقلت الصحيفة عن أحد المشردين قوله "ألسنا بشرا؟ هل نحن غرباء؟ ألسنا إيرانيين؟".
ولطمس هذه الفضيحة التي قَضَّت مضاجع اركان دولة الملالي ونالت من الهالة التي اوجدها حول مشروع ثورته المشؤومة، أَنْ أُوكل للسلطات المحلية مهمة طرد الفقراء المشردين من القبور وسط سيل عارم من الشتائم والضرب. لم يكن هدا التصرف الأَرعن في حق من نال منهم الفقر والتشرد والبرد استثناءً، وانما يندرج ضمن سياسة ممنهجة من القمع والإذلال في حق الشعب الإيراني.
وحسب الدراسات والتقارير المتخصصة، فقد فاقمت سياسات الحكومة الإيرانية من رداءة الأوضاع المعيشية، موضحة ان الأخيرة لا تعتمد على أسس علمية او دراسات اقتصادية، وهو ما تسبب في تضخم القيمة الشرائية، تفاقم معدلات البطالة بين الشباب، وانتعاش الآفات الاجتماعية: كارتفاع نسب الإدمان، حيث وصل سن الإدمان بين الفتيات الى 13عاما. كما تفاقمت ظاهرة الانتحار واليأْس لدى المواطن الايراني، بدليل انتشار اسم "تسونامي الانتحار" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعود ذلك الى تزايد النسب بواقع 6 منتحرين لكل 100 ألف نسمة.
يضاف الى كل هذا إغلاق عدد من المصانع والمعامل الإنتاجية أبوابها نتيجة الإفلاس بالتزامن مع العقوبات الدولية المفروضة عليها بسبب نشاطات الحكومة والحرس الثوري الإرهابي في المنطقة. ودفعت هذه الأوضاع المتدنية بالعديد من المواطنين للتظاهر والمطالبة بدفع الأجور المتأخرة، واتهام كبار المسؤولين بالرشاوى وتهريب الأموال المتأتية من الموارد الأساسية للدولة.
لم تكن وعود حسن روحاني المتمثلة في تحسين المعدل المعيشي للمواطن والتي لم تر النور الى يومنا هذا، استثناء عن باقي الوعود التي قطعها الملالي على الشعب الإيراني وظل يرددها على مدى عقود من الزمن، بل وعلى نقيض ذلك، تضاءل الدخل السنوي للعائلات المتوسطة، بسبب سوء توزيع الثروة واحتكارها في عدد قليل من الأغنياء المهيمنين على أكبر قطاعات الدولة.
وتشير التقديرات حسب نشطاء إلى وجود نحو 6 ملايين ثري في إيران، يتصدرهم المرشد الأعلى علي خامنئي بثروة تقدر بنحو 95 مليار دولار، وهو ما أكدته مجلة "فروبس". عبر تقرير نشرته بعنوان “الملالي المليونيرات”، كاشفة حقيقة رجال الدين وحبهم الشديد للقوة والمال، فبالرغم من رفعهم شعار الزهد ومحاولة ترسيخ صورة الحياة البسيطة، الا انهم يستحوذون على ثروة تتخطى مليارات الدولارات جنوها عبر احتكار المؤسسات الخيرية وإدارة المزارات الدينية والاقتصاد الإيراني بالكامل من البنوك إلى الفنادق والشركات، وصولاً إلى محلات البقالة والصيدليات.
وأشار موقع “أمريكان ثينكر” “من المعروف أن كبار المسؤولين الإيرانيين ينهبون أموال الناس إضافة إلى المليارات من عائدات النفط والغاز لإشعال الحروب في سوريا دعماً لنظام بشار الأسد، ولدعم وكلاء إيران الشيعة في العراق مالياً والحوثيين في اليمن وحزب الله اللبناني، وتنفق المزيد من المليارات على الطموحات النووية للنظام وبرامج للحصول على صواريخ بالستية والتفوق فيها
فبينما وبناء قدرات حزب الله العسكرية في لبنان والحوثيين في اليمن، وانقاذ النظام السوري، والتدخل في الشأن العراقي، والاستمرار ببيع الشعب الخطب الدينية النارية عن الولي الغائب وخضوع العالم لولايتهم.
كما تشير التقديرات حسب تقارير إعلامية مطلعة، إلى أن ميليشيات الحرس الثوري التي تقود حربا طائفية في سوريا والعراق، تستحوذ على 70% من الاقتصاد الوطني، وتحقق مبالغ خيالية من الثروات الناتجة عن شبكات وهمية وعلاقات مع كل المجالات بدءا من الاتصالات والأدوية والغذاء وصولا الى عقود السلاح، مرورا بعقود النفط والغاز التي حققت عبرها في عام واحد فقط نحو 12 مليار دولار وهو ما يشكل سدس الناتج المحلي الإجمالي الإيراني. ويأتي ذلك، فيما اتهمت وزارة الخزانة الأميركية في وقت سابق شركة النفط الوطنية الإيرانية بأنها مجرد ستار وواجهة للحرس الثوري، بسبب اختبارها لقادة وجنرالات الحرس في إدارة النفط بالحكومات المتعاقبة.
بعد مرور عقود من حكم رجال الدين في إيران تبين انهم لم يكونوا سوى حفنة من السراق والفاسدين منحوا انفسهم مكانة ومسميات تفوق غيرهم من البشر وانزلوا انفسهم مكانة الملائكة، على الرعية ان تنصاع لأوامرهم ونواهيهم، فلا الشعب تمتع بالرفاه المنشود ولا المنطقة رات الاستقرار يوما، بل على النقيض من ذلك لم تجني الدول العربية والإسلامية سوى مزيدا من التدخلات السافرة في شؤونها عبر نشر الفتن وزرع بذور الإرهاب فيها، فأنشأ ميليشيا الحوثي لتقويض اركان الدولة المدنية في اليمن وسلح حزب الله لتقسيم لبنان وامد ميليشيا الحشد الشعبي بالسلاح لتفتيت العراق وحاول نشر خلايا إرهابية في البحرين...فكما يقول المثل "من ليس فيه خير لأهله لا يمكن ان يجلب الخير لغيره "وما استئصال هذا الورم من ايران الا شفاء لجميع الاسقام والمشاكل التي يعاني منها الداخل الإيراني والعالم العربي والإسلامي.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق