الأحد، 10 يناير 2016

انتخابات ام مهزلة وصراع بين رموز النظام

محمد علي توحيدي رئيس لجنة الإصدارات في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

وجيز عن حوار اجري مع :
محمد علي توحيدي رئيس لجنة الإصدارات في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

عن صمت خامنئي :
هذا الصمت – سواء الصمت الذي أشار جنابك اليه وكذلك الصمت الذي لزمه خامنئي منذ أسابيع- لا سبب له سوى أن خامنئي يعيش وضعا حرجا وهشا للغاية جاء نتيجة الهزائم المتتالية التي منيت بها سياسات خامنئي بالذات خلال 6 أو 10 سنوات مضت وهي مسلسل هزائم كان أهمها اخفاقه في توحيد نظامه بحيث وصل عهد احمدي نجاد الذي كان بيدقه لتوحيد النظام الى طريق مسدود.
وأما الاخفاق الثاني فجاء في هندسة الانتخابات الرئاسية لعام 2013 للنظام حيث فشلت مخططاته ومني بهزيمة رغم أنه قد دفع ثمنا كبيرا بشطبه رفسنجاني من المنافسة والعمل على دسائس عدة.
الاخفاق الثالث يتمثل في هزيمته في مشروع القنبلة النووية الذي اضطر على مضض بسبب الوضع الذي يعيشه النظام ومقابل السياسة والنهج الذي تبنته المقاومة الايرانية الى الرضوخ لتجرع كأس السم النووي والتراجع عن مشروعه لصنع القنبلة النووية.



الاخفاق الرابع كان هزيمته على صعيد سياساته الاقليمية بحيث لم يفلح في فرض المالكي لدورة ثالثة في رئاسة الحكومة العراقية رغم الرهان الكبير عليه. وهنا أيضا لابد أن نقول انه قد لاقى هزيمة محددة من الأشرفيين.
ولكن الهزيمة الخامسة بشكل خاص وهي الكبيرة فلابد أن نؤكد على هزيمة خامنئي في سوريا حيث لم يستطع رغم كل الرهانات المالية وارسال جنود الى سوريا أن يحتفظ بنظام بشار الأسد بحيث اضطر في حالة الضعف المطلق الى اللجوء الى روسيا وادخال قوات الحرس عن بكرة أبيها وبكبار قادتها الى المعركة. ولو كان يستطيع الحرسي همداني وقاسم سليماني الاستيلاء على حلب بفضل تدخل بوتين وقلب الأوضاع في سوريا لربما كان يرى متنفسا أمامه ولكنه اصيب بهزيمة نكراء فقتل همداني واصيب قاسم سليماني بجروح...
فهذه الهزائم المتلاحقة التي جاءت في سياسات خامنئي وكان للجناح المنافس له (بالتحديد رفسنجاني) رأي آخر بشأن ذلك، قد جعل موقع خامنئي في ميزان القوى الداخلي للنظام في نقطة ضعيفة بحيث أصبح الآن موضوع الانتخابات هو شخص خامنئي آي الولي الفقيه للنظام الذي من المفروض أن يكون في موقع أعلى في الحملات الانتخابية خارج التوجهات الفئوية والجناحية الا أنه شخصيا بمثابة الولي الفقيه أصبح مادة رئيسية للانتخابات ليس في مجلس خبراء النظام فحسب - وهذا واضح جدا – بل في الانتخابات التشريعية أيضا وهذا ما نلمسه في الخطاب السياسي للتصريحات التي يدليها الجناحان وحتى اولئك الذين يأخذون العصا من الوسط. من الواضح أن الصراع  في تصريحات «جنتي» و «احمد خاتمي» بخصوص الولي الفقيه خامنئي. كما في تصريحات روحاني ورفسنجاني. وحتى في تصريحات رجال من أمثال لاريجاني رئيس البرلمان الذي يدلي بتصريح بين حين وآخر ولكن جوهر  الكلام يدور حول قضية الساعة أي هي قضية الانتخابات وهي تدور حول شخص خامنئي.
وفي هكذا وضع، خامنئي إمّا يلزم الصمت المطبق ولا ينبس بكلمة أو يتكلم في يوم المولد النبوي الشريف الذي يتوجب فيه التكلم فيتطرق الى الهوامش ولا يتحدث كلمة حول الانتخابات وهذا ليس له معنى سوى الضعف المفرط والعجز الكامل.
تشديد الصراع 
ليس الأمر هكذا اطلاقا. اني أعتقد أن كل الهجمات التي تشن ضد رفسنجاني فهو من تخطيط خامنئي نفسه كونه لا أحد يتجرأ أساسا أن يشن حملة على شخص رفسنجاني دون اذن وتوجيه خامنئي. وبالمناسبة التناقض والضعف يكمن هنا. فمن جهة انه يصدر توجيهاته الى رجاله والى ممثله في صحيفة كيهان (شريعتمداري) والى كل البلطجيين التابعين له والأمنيين الملبسين بلباس المدني أو لباس رجال الدين في صلوات الجمعة ومنابر أخرى أن يشنوا هجماتهم على رفسنجاني ويزجون ابن رفسنجاني في السجن ولكنه هو شخصيا لا يستطيع أن ينبس بكلمة وحتى في هذا اليوم الذي لزم الصمت يأتي برفسنجاني في اجتماعه ويجلسه بجانبه. وهذا أبرز مثال للضعف الذي يعاني منه وهذا دليل على ضعفه.
رفض أهلية رفسنجاني
كلامهم بهذا المجال في غاية الجدية وهو ما يطلبه خامنئي بالذات. ولكن المغزى هنا أن هذا الطلب ليس عمليا ولا يمكن تحقيقه.
أولا: بدون مباركة خامنئي فلايجوز التطرق الى هكذا أمور في النظام وهذا  واضح أنه خامنئي هو شخصيا يصدر التوجيه.
ثانيا: الموضوعات المطروحة ضد رفسنجاني يتم توثيقها بتصريحات واستدلالات خامنئي نفسه. على سبيل المثال: انهم يتهمون رفسنجاني بـ «النفوذ» وهذا ما طرحه خامنئي نفسه. يتهمونه بـ «فاقد البصيرة» وهذا ما طرحه خامنئي نفسه. يتهمونه بـ «الفتنة»، ... كل هذه الموضوعات والاشارات هي ما طرحه خامنئي نفسه. لذلك القول بان هذه الكلمات تطلق دون علم خامنئي فليس صحيحا أو أن هذه التصريحات ليست جدية. بل بالعكس انهم يحاولون استبعاد رفسنجاني وشطب أهليته من المشاركة في مجلس الخبراء ولكن برأيي هذا أمر صعب و لايمكن لخامنئي تنفيذه.
فلماذا اذن يدخل خامنئي في هكذا طريق مسدود؟
محمد علي توحيدي: لأنه ليس أمام خامنئي بد آخر. انه وصل الى نقطة اذا وصل رفسنجاني الى مجلس الخبراء القادم، انه علامة دالة على هزيمة خامنئي. لذلك يجب الحؤول دون ذلك. لايجب دخول رفسنجاني الى مجلس الخبراء. واذا كنتم تتذكرون كان «جنتي» (أمين مجلس الصيانة) قد أكد قبل شهرين أو ثلاثة لابد أن لا يصل آي واحد من هؤلاء الى مجلس الخبراء. مجلس الخبراء الذي يعيش هكذا حالة مضطربة فلابد أن يكون مجلسا يؤيد خامنئي مئة بالمئة. ولكن بوجود رفسنجاني الذي رفض رئاسته ثم ظهر فيه لأول مرة كتلة من 25 عضوا فيه يعارضون الولي الفقيه ورفسنجاني يترأسه والآن في هكذا حالة فان النجاح لخامنئي لا معنى له سوى أن يمنع وصول رفسنجاني الى مجلس الخبراء. ولهذا السبب وبما أنه لا حل آمامه فهو قد دخل الطريق المسدود وهو يحاول عبثا لأن الطريق مسدود أمامه.
خامنئي أن يدخل في مساومة مع رفسنجاني
بالضبط كما تقول ان رفسنجاني هو أهل المساومة. المسار الذي قطعه لحد الآن مع خامنئي رغم كل التقلبات الذي شهدها يوضح أنه وبسبب المصلحة التي يراها لكيان النظام برمته يحاول دوما أن يلقي له بالا وأن يتفاهم معه الا أن خامنئي قد قطع خطوات في مسار سواء ستراتيجيا أو تكتيكيا انتهى بغلق هذا الطريق عليه. الستراتيجيات والطرق واضحة وبشكل خاص على سبيل المثال بشأن عهد احمدي نجاد قال رفسنجاني في الآونة الأخيرة وكرر قوله باستمرار أن النظام قد لحقت به خسائر خلال عهدين من حكم احمدي نجاد (8 سنوات) لم يتحمله خلال الحرب أو بشأن استمرار المشروع النووي وصى رفسنجاني بتجرع كأس السم... في هذه المجالات قد رفض في الستراتيجية ولكن في التكيك لم يقطع خامنئي مسار المساومة والحسابات. كما أسلفت في موضوع رئاسة الخبراء ولو كان يريد أن يساوم رفسنجاني لكان عليه أن يقطع مسارا آخر. وكان عليه أن يرضى برئاسة رفسنجاني لمجلس الخبراء ويهيئ الأجواء للتفاهم معه رغم أنه كان مرغما باجبارات. وعندما شطب رفسنجاني من رئاسة الخبراء وأقصاه فظهرت شرخة في داخل مجلس الخبراء ووصل الحال الى ما آل اليه الآن. وهنا ثمن المساومة كبير جدا عليه. فلا يستطيع أن يترك الهيمنة بشكل كامل لرفسنجاني ولا يستطيع أن ينسحب هو نفسه لأن ذلك ليس بالأمر الهين عليه لأنه عندئذ لابد أن يعتذر من كل ما فعله في السابق. حاله حال منتظري عندما كان في موقع خليفة خميني وبعد تجرع كأس السم في الحرب كان يقول بصريح العبارة اذا ما أخطأنا في الحرب فعلينا أن نتوب. لماذا أطلقنا شعارات لم نستطع تطبيقها؟ وكان منتظري قد أدلى بهذه التصريحات في وقت كان خميني مقابله. بينما في الوقت الحاضر مثل هذه التصريحات بل أشدها موجهة لخامنئي. لذلك لا يستطيع ترك الهيمنة ولا يستطع التراجع التكتيكي. خامنئي يعيش هكذا  مأزق حرج.
أليس عمليا أن يتراجع الطرفان؟
الموضوع الذي تطرحونه الآن يشكل قلب موضوع الانتخابات للنظام في هذه الدورة وهذا الوقت بالذات. الصراعات بين الجناحين الرئيسيين الآن في هذه الانتخابات لاتدور حول هذا البرنامج أو ذلك البرنامج. واذا أمعنتم النظر في أدبيات وخطابات هؤلاء فترون أن الصراع الرئيسي يدور حول حفظ النظام وبقاء النظام وبعبارة صريحة حول انقاذ النظام من الدوامة التي راحت تهلكه. هناك طرف يقول ان طريقي هو طريق انقاذ النظام والطرف الثاني يقول لا، ان سبيل حفظ النظام ليس كما تقول بل هو مسار الهلاك للنظام وأن سبيل الانقاذ هو ما أقوله أنا. ان جوهر قضية الانتخابات هو عبارة عن سجال لحفظ النظام. انك لا تستطيع أن تقول لحفظ النظام لا تعمل فلان فعلة أو اعمل فلان عمل أو تراجع عن كذا..لأن الصراع يدور حول حفظ كيان النظام. كل طرف قد عرض اقتراحه الخاص حسبما يراه ضروريا لحفظ النظام لذلك لا يمكن المساومة لأن كل طرف يرى في طريق الطرف الآخر سقوط النظام لذلك لا يمكن المساومة. هذه هي سمة هذه الانتخابات. الصراع في جوهره يدور حول حفظ كيان النظام. وهذا الجوهر قد تمركز في الشكل والمظهر على موقع الولي الفقيه شخص خامنئي وهذه هي سمة الانتخابات في شباط المقبل لنظام الملالي. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق