الجمعة، 27 أكتوبر 2017

حلم ناهيد الغريب !

 !حلم ناهيد الغريب


من كتاب رحلة العذاب في زنازين الملالي
بقلم المجاهدة ” هنغامة حاج حسن ”

ليلة ازدحم قسم ادارة السجن فانتبهنا إلى أنهم كانوا يحضرون سجناء جدد،كنا جميعاً نترقب لنرى من سيدخل إلى السجن، جاءت اثنتان من النساء كانتا تحملان إحدى السجينات، إذ لم تكن قادرة على السير، والنساء اللاتي قد جلسن أو نمن في الممر كن يحملنها جانباً ليفسحن الطريق لإحضار سجينات جدد،فأحضرنها إلى غرفتنا وافسحن لها مكاناً في زاوية الغرفة لتكون بعيدة عن ذهاب وإياب السجينات وكانت أقدامها دامية كل واحدة منها بحجم الوسادة، لم تركل لكن أرجلها كانت متورمة وممزقة وكانت راحة أقدامها ملتهبة بسبب الجروح العميقة،كانت قصيرة القامة ونحيفة وذات بشرة خضراء وعينين واسعتين ذات لون بني جميل جداً، وترى في وجهها براءة عجيبة، شكرت النساء اللاتي كن يذهبن عندها بصورة مجاميع ويسألن عن وضعها ويرحبن بها، وكن يتحدثن معها وكان اسمها (ناهيد إيزد خواه) وبعد أن تعرفنا عليها قالت لي أنها شقيقة (مسعود إيزدخواه) زوج (معصومة عضدانلو)، وقد استشهد شقيقها مسعود في أحداث المقاومة لمواجهة قوات الحرس، وأن معصومة التي كانت حاملاً قد اعتقلت بعد أصابتهابجرح في أعلى الفك من وجهها، وقد نقلوها إلى القفص (٢٠٩) وجعلوها تحت وطأة التعذيب، وقد مزقوا أرجلها بضربات الكيبل التي تعرضت لها هناك على تلك الكيفية فاضطروا إلى نقلها إلى المستشفى وقد أجروا لها عدة عمليات، كذلك وقد أجريت لها عملية ترقيع لقدميها من أجزاء بدنها الأخرى محل الجلد واللحم اللذين تهرأ بسبب الالتهابات الشديدة الناجمة عن التعذيب المتوالي الذي تعرضتله، وكانوا لا يجرون مثل هذه العمليات عادة للسجناء الذين يعدمونهم ولهذا كنا نأمل أن لا تعدم ناهيد.


ذكرت أن المؤلم كان هو المكان الذي أعطوه لي إذ وضعوني بالقربمن معصومة وكانت معصومة وحيدة وفاقدة وكان فكها ممزقاً وقد ألقيت في أرضية الزنزانة دون أدنى عناية طبية وحتى معيشية، وقد ملأت رائحة الدما لفاسد الزنزانة، وقد ركلها المحقق القذر عديم العطف والشفقة عدة ركلات وكانت جميعها على فك معصومة المجروح وكانت لا تستطيع أن تفعل شيئاً سوى الأنين حتى أنها لا تستطيع أن تحرك بدنها، وحينما كانت ناهيد تخبرهن كانت تبكي وتهز رأسها ونحن أيضا كنا نبكي معها، وفي النهاية أعدموا معصومة البطلة بنفس الصورة التي كانت عليها أي وهي جريح في حالة احتضار مع ابنها الذي لم يولد بعد.
أصبحت أرجل ناهيد بشكل عجيب من جراء التعذيب إذ بعد شهر أو أكثركان ينسلخ جلد أرجلها من أعلى الفخذ كالجوراب الطويل من قدمها، ولم تكن قادرة على السير لفترة طويلة وكانت تنجز أعمالها الضرورية بمساعدة النساء.
قامت ناهيد في أحد الأيام في الصباح الباكر وكانت تبدو مسرورة بصورة مختلفة عما كانت عليه، قالت أريد أن استحم استغربنا جميعاً! لأن الحمام ليس ساخناً وكان الماء بارداً جداً لكنها أصرت على الذهاب، وقالت أريد أن أغتسل غسل الشهادة لأني رأيت في المنام ليلة أمس أن والدتي وضعت يدي بيد أخي مسعود وأودعتني عنده، أني سأذهب اليوم إليه فكانت السجينات لا يعرفن ماذا يقلن وماذا يفعلن لأنها كانت مجرد رؤية في المنام، ولكن ناهيد ذهبت بثقة عالية إلى الحمام واستحمت بنفس ذلك الماء البارد ثم عادت فأدت صلاتها وقسمت كل الحاجيات التي عندها على النساء وارتدت أفضل ملابسها وبقيت تنتظر، وفجأة وسط الاستغراب وعدم التصديق قرؤوا اسمها واسم (شكوه مزيناني) التي كانت تلميذة، فوثبت ناهيد بسرور وقالت أرأيتم صحة كلامي بأني سأذهب اليوم إلى مسعود؟! و….. ذهبت وأعدموها في نفس اليوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق